الأربعاء، 27 أغسطس 2014

الحديث 66


66 -عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ُ، 
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ:    
                " يَسِّرُوا ، وَلا تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا، وَلا تُنَفِّرُوا"
                                     متفق عليه

 فائدة حديث "الحث على التيسير "
هذه أربع جمل:
الأولى قوله: ( يسروا)
يعني اسلكوا ما فيه اليسر والسهولة سواء كان فيما يتعلق بأعمالكم أو معاملاتكم مع غيركم، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم من هديه أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد
الناس عنه.فاختر الأيسر لك في كل أحوالك، في العبادات، في المعاملات مع الناس، في كل شيء؛ لأن اليسر هو الذي يريده الله عزّ وجلّ منا، ويريده بنا: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ )(البقرة: 185).
فمثلاً إذا كان لك طريقان إلى المسجد؛ أحدهما صعب فيه حصى وأحجار وأشواك والثاني سهل، فالأفضل أن تسلك الأسهل، وإذا كان هناك ماءان وأنت في الشتاء، وكان أحدهما بارد يؤلمك والثاني ساخن ترتاح له، فالأفضل أن تستعمل الساخن، لأنه أيسر وأسهل، وإذا كان يمكن أن تحج على سيارة أو تحج على بعير والسيارة أسهل، فالحج على السيارة أفضل.
( ولا تعسروا)
يعني لا تسلكوا طرق العسر لا في عبادتكم، ولا في معاملاتكم، ولا في غير ذلك، فإن هذا منهي عنه فلا تعسر، ولهذا لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً واقفاً في الشمس، سأل عنه، قالوا يا رسول الله ، هو صائم؛ نذر أن يصوم ويقف في الشمس، فنهاه وقال له لا تقف في الشمس؛ لأن هذا فيه عسر على الإنسان ومشقة، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول لا تعسر.
الجملة الثانية قال:( وبشروا )
بشروا: يعني اجعلوا طريقكم دائماً البشارة، بشروا أنفسكم وبشروا غيركم،  يعني إذا عملت عملاً فاستبشر وبشر نفسك، فإذا عملت عملاً صالحاً فبشر نفسك بأنه سيقبل منك إذا اتقيت الله فيه، لأن الله يقول: ( إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)(المائدة:27)، وإذا دعوت الله فبشر نفسك أن الله يستجيب لك؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم)(غافر: 60).
🔹ولهذا قال بعض السلف من وفق للدعاء فليبشر بالإجابة؛ لأن الله قال: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم)(غافر:60)، فأنت بشِّر نفسك في كل عمل.🔹وهذا يؤيده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الطيرة ويعجبه الفأل؛ لأن الإنسان إذا تفاءل نشط واستبشر وحصل له خير، وإذا تشاءم فإنه يتحسر، وتضيق نفسه، ولا يقدم على العمل، ويعمل وكأنه مكره، فأنت بشر نفسك، كذلك بشر غيرك، فإذا جاءك إنسان ، قال فعلت كذا وفعلت كذا وهو خائف فبشره، وأدخل عليه السرور.
لا سيما في عيادة المريض؛ فإذا عدت مريضاً فقل له أبشر بالخير، وأنت على خير، ودوام الحال من المحال،  والإنسان عليه أن يصبر ويحتسب ويؤجر على ذلك ، وما أشبه ذلك ، وبشره قائلاً : أنت اليوم وجهك طيب ، وما أشبه ذلك؛ لأنك بهذا تدخل عليه السرور، وتبشره، فاجعل طريقك هكذا فيما تعامل به نفسك وفيما تعامل به غيرك، الزم البشارة، وأدخل السرور على نفسك، وأدخل السرور على غيرك ،فهذا هو الخير.
( ولا تنفروا): 
يعني لا تنفروا الناس عن الأعمال الصالحة، ولا تنفروهم عن الطرق السليمة؛ بل شجعوهم عليها، حتى في العبادات لا تنفروهم.



📚شرح رياض الصالحين / ابن عثيمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق